مقعد القطار رقم 9

صورة
لم يكن يوم الثلاثاء يحمل أي مفاجآت بالنسبة لـ"سليم"، شاب ثلاثيني يعمل كمصمم جرافيك حر، يقيم في عمّان، ويقضي يومه بين شاشته المضيئة وفناجين القهوة المتناثرة على الطاولة. ومع الوقت، تحولت رحلته الأسبوعية إلى إربد بالقطار، كل ثلاثاء، إلى عادة مملة لكنه مضطر لها، فهناك مشروع تصوير خاص يتابعه لأحد المعارض الفنية. كان يركب القطار نفسه، في التوقيت نفسه، ويجلس دوماً في مقعده المفضل: رقم 9، بجانب النافذة، حيث يستطيع أن يغرق في عالمه الخاص ويهرب من صخب الواقع. في أحد تلك الصباحات الرمادية، وبينما كان يخطو خطواته المألوفة نحو المقعد، لاحظ شيئًا غريبًا. فتاة شابة تجلس في مقعده، أو على الأقل المقعد الذي أصبح يعتبره ملكًا شخصيًا له. كانت ترتدي معطفًا رماديًا واسعًا، وشعرها مرفوع بخفة، وعيناها مثبتتان على رواية مفتوحة بعنوان "وتلك الأيام". جلس بجانبها بصمت بعد أن تحقق من رقم تذكرته مرتين، ثم همس لها بلطف: "أعتقد إنك قاعدة بمكاني…" رفعت الفتاة عينيها إليه، وبابتسامة هادئة ردت: "آه؟ أوه، آسفة، بس أنا همّ تذكرتي 9B. أنت 9A، على الجهة الثانية." ضحك سليم بهدوء. لم ي...

إلى من كنت أظنه سندي...

 إلى من كنت أظنه سندي...

ما لم يكن متوقعًا، قد حصل. قربك لم يكن إلا فصلاً من فصول الفشل، قصة عشقٍ نزفت فيها كثيرًا، حتى بات الرحيل أمرًا لا مفر منه. مضطر أن أبتعد، وأتركك خلفي، فقد استنفدتَ كل ما في قلبي من صبر.

أحببتك بصدق، لكن حبك كان خاليًا من الحقيقة. قلبي احترق بما فيه الكفاية، ولا أملك القدرة على احتمال جراح جديدة منك.

كل مرة كنت أتنازل، أُسامح، وأصبر، لكنني تعبت... تعبت من كسر الخاطر. لا تنتظر مني شيئًا بعد الآن، فأنا قررت أن أتركك، لتبقى وحدك مع نفسك.

في كل كسرة قلب، كنتَ أنت السبب، وأنا الذي صدقت أنك وفيّ. طعنتني في أعمق مواضع القلب، وها أنا اليوم أقرر، لن أبقى بجانبك بعد الآن.

من عشرتك، لم أرَ سوى الأذى. الآن فقط، أدركت أنك لم تعتبرني يومًا غاليًا. قلبك خالٍ من الوفاء، لم يصفُ لحظة، ولهذا، اكتفى قلبي، وسأرحل لأعيش بسلام مع نفسي.

كنتَ السبب في كل هذا الألم. زرعت في قلبي وجعًا لا يُنسى، وها أنا أضع نقطة النهاية لكل شيء بيننا.

انكسر حالي بك، رأيت القهر في عينيك، والآن، كل ما أتمناه... أن تبتعد. لا أريدك بقربي أبدًا بعد اليوم.

غلطتي الوحيدة، أنني ظننتك سندًا، لكنك كنت وهمًا... وغاية لا تستحق.

وداعًا، من قلب أحبك وذُبح بصمت.





تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

"القلعة المهجورة: رحلة البقاء على قيد الحياة"

"ظلال أركانتا: سر الأومبرا".

الغابة المسكونة